Thème :
قوانين الغابات الفرنسية في الجزائر وتداعياتها على سكان الأرياف بين 1874-1914
Présentation :
لقد لعبت الغابات دورا أساسيا في حياة سكان الأرياف الجزائرية، حيث كانت الغابة تفي بنصف ضروريات معاشهم إن لم نقل ثلثي ذلك، فالسكان الذين يعيشون في الجبال كانوا يتخذونها مرعى لأغنامهم من بداية فصل الأمطار إلى نهايته في فصل الربيع، وعندما يشتد الحر ويطول في فصل الصيف فإن الرعاة الرحل كانوا يتخذونها ملاذا ومرتعا لقطعانهم، ذلك لأن الغابة توفر العديد من الاستعمالات، فإلى جانب وظائفها الرعوية فإنها تدر منتجات خشبية متنوعة والعديد من المنتجات الغذائية والحيوانية الأخرى. وللسيطرة على هذه الثروة الطبيعية سنت السلطات الاستعمارية قانونا تنظيميا في مجال الغابات عرف تاريخيا بقانون الغابات "La loi forestière" وذلك بحجة: "حماية الغابات الجزائرية من عبث الجزائريين"، فرغم معرفة السلطات الفرنسية بأهمية الغابات في الحياة اليومية للجزائريين، خاصة بعدما جردوا من أراضيهم الخصبة مما جعلهم يفرون إلى الأراضي الجبلية و الصحراوية ويعيشون على أطراف الغابات التي اتخذوها مصدر رزق لهم، إلا أن هذه السلطات أبدت انزعاجها مما اعتبرته: "استغلال الفوضوي للغابات"، فقررت تطبيق قانون الغابات السائد في فرنسا على غابات الجزائر رغم أن القانون الفرنسي وضع لمناطق قليلة الكثافة السكانية وبالتالي لا يمكن تطبيقه في الجزائر، واتبع هذا القانون بمجموعة نصوص من المراسيم والقرارات والقوانين، لا تختلف عن بعضها البعض فيما يتعلق بتشديد العقوبات على كل مخالف. كان للحرائق التي عرفتها الغابات الجزائرية في تلك الفترة الاستعمارية وتحميل الجزائريين مسؤوليتها، سببا كافيا وراء إطلاق يد مصلحة المياه والغابات الفرنسية وهي الجهة المكلفة بالإشراف على الغابات وصيانتها في ملاحقة الجزائريين القاطنين بمحاذاة الغابات وإبادة قطعان ماشيتهم ومصادرة أراضيهم. فعلى سبيل المثال عندما اشتعلت النيران في غابات قسنطينة سنة 1881 تعرض سكان الغابات في تلك الجهة لعقوبات شديدة ، وذلك تطبيقا لأحكام في قانون جويلية 1874، الذي نص على المسؤولية الجماعية في حالة اندلاع الحريق، واعتبار فعل إشعال النار عمل عدائي ضد فرنسا، مما يعرض فاعله لإجراءات المصادرة، ففي سنة 1885 وضع القانون الأساسي للغابات وتضمن فرض غرامات مالية كبيرة على كل فلاح جزائري يشتبه في أنه ارتكب مخالفة، وقد قوبل قانون الغابات الجزائرية باستنكار شديد من طرف الجزائريين، واستعدادا لمواجهة ردود الفعل الوطنية، شرعت السلطات الفرنسية في اتخاذ إجراءات إدارية عديدة ضد بعض القبائل التي رفضت ما جاء من ترتيبات جديدة في هذا القانون، فسخرت ضدهم الآلاف من المحاضر، وقدموا للمحاكمة و فرضت عليهم الغرامات وإجراءات أخرى، وقد كان آخر قانون للغابات قانون 22 فيفري 1903 وقد أقر هذا القانون الإجراءات العقابية التي سنتها القوانين السابقة، فأبقي على الغرامات الفردية و الجماعية و المصادرة، وأرغم في إحدى مواده الجزائريين المقيمين بالقرب من الغابات على القيام بدوريات حراسة للغابات في الفترة الممتدة من شهر جويلية إلى شهر نوفمبر، زيادة على أنه خول صلاحيات قضائية لمصلحة الغابات للفصل في القضايا قبل وصول محاضر المشتبه بهم للمحاكم